قال: (وفي بعض الآثار يقول الله تعالى: ( ابن آدم! اطلبني تجدني، فإن وجدتني؛ وجدت كل شيء، وإن فتّك؛ فاتك كل شيء، وأنا أحب إليك من كل شيء ) )، ثم ذكر أن ذا النون المصري كان يردد هذه الأبيات كثيراً:
اطلبوا لأنفسكم            مثل ما وجدت أنا
قد وجدت لي سكناً             ليس في هواه عنا
إن بعدت قربني أو قربت منه دنا
وقد أخذ هذا الشعر من قول الله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: ( ومن تقرب إليَّ ذراعاً تقربت إليه باعاً، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة ).
قال: (فمن فاته الله فلو حصلت له الجنة بحذافيرها؛ لكان مغبوناً، فكيف إذا لم يحصل له إلا نزر حقير يسير من دار كلها لا تعدل عند الله جناح بعوضة) فكم نصيبك يا مسكين من هذا الذي لا يعدل جناح بعوضة، والذي تؤثره على الله، وعلى محبة الله، وعلى رضا الله؟!
وقوله: (فلو حصلت له الجنة).. إلخ، هذا لا يمكن؛ لأن من حصل على الجنة فقد رأى الله، فيحصل على ذلك، لكن المقصود: أنه لو حصل على كل شيء، وفاته الإيمان بالله، ومحبة الله؛ فقد فاته كل شيء، ولم يحصل على شيء، فكيف وهو لا يحصل إلا على شيء لا يكاد يذكر: من دار فانية بالية ممحوقة؛ نهايتها بوار ودمار وخراب، وليست بدار استقرار ولا قرار.
يقول: (ولذا قيل:
من فاته أن يراك يومـاً            فكل أوقاته فوات
وحينما كنت في بـلاد            فلي إلى وجهك التفات )
قال: (ثم ذكر وصف الذين يحبهم الله ويحبونه، وهذا وصف آخر، وهو وصف عظيم جداً أن يحبهم ويحبونه).
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.